الجنة غايتى مشتاق جديد
نقاط : 50 السٌّمعَة : 2 عدد المساهمات : 24 تاريخ التسجيل : 08/02/2011
| موضوع: اقرأ باسم ربك الذي خلق الخميس مارس 03, 2011 7:43 am | |
| اقرأ باسم ربك الذي خلق
الشيخ هشام العارف
في الصحيحين ـ واللفظ للبخاري ـ وغيرهما، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ ـ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ـ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَه الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ اْلأكْرَمُ ) فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ..الحديث. اقرأ .. نبه الله بها على أعلى أسباب القرب إليه وهو العلم إن مما يبين أهمية وفضل العلم والتعليم، نزول أول آيات من القرآن الكريم فيها حض على القراءة والأمر بها، بل وكرر الأمر فيها بالقراءة تنبيها على التزام أقوى أسباب السعادة. ثم ذكر القلم إبرازاً لمكانته وأهميته في حفظ العلم وتبليغه، قال العلامة السنوسي – رحمه الله – نقلاً عن بعض الشيوخ: "مقصد السورة والله أعلم، إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى اصطفاه بأن جعله إنسانا أولاً، وفضَّله على بني جنسه من المصطفين وغيرهم بما خصه به من العلوم والمعارف الموجبة منزلة القرب، وأنه خلقه للانقطاع لعبادته، وضمن له ما يهمه من أمر عدّوه، فقيل له في فاتحتها ( اقرأ ) فنبه على أعلى أسباب القرب وهو العلم، وحض في خاتمتها على نتيجة العلم وهو العلم المقرّب إليه جل وعلا، فقيل له ( اسجد واقترب ) وحاصله إعلم واعمل". وقال تعالى في سورة العلق: الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ قال الزجاج: أي علم الإنسان الخط بالقلم. وقال ابن كثير: وفي الأثر: قيدوا العلم بالكتابة. وقال الزمخشري في الكشاف: فدل على كمال كرمه، بأنه علم عباده ما لم يعلموا. ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم، ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها إلا هو، وما دونت العلوم ولا قيدت الحكم ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم ولا كتب الله المنزلة، إلا بالكتابة، ولولا هي لما استقامت أمور الدين والدنيا، ولو لم يكن على دقيق حكمة الله ولطيف تدبيره دليل إلا أمر القلم والخط لكفى به.أ.هـ وقال تعالى في سورة المائدة: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنجِيلَ…(110). فقوله تعالى: (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ) أي: الخط الذي هو مبدأ العلم. وقد ذكر القلم في السنة أنواعا متفاوتة، وكلها بالغة الأهمية: منها: أولها وأعلاها: القلم الذي كتب ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة، والوارد في الحديث: (إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم، وأمره أن يكتب كل شيء يكون). ثانيها: القلم الذي يكتب به الملك في الرحم ما يخص العبد من رزق وعمل، والوارد في الحديث: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ: أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟، شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟، فَمَا الرِّزْقُ وَالأجَلُ؟ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ). ثالثها: القلم الذي بأيدي الكرام الكاتبين كما في قوله تعالى في سورة الانفطار: (كِرَامًا كَاتِبِينَ(11). رابعها: القلم الذي بأيدي الناس يكتبون به ما يعلمهم الله، ومن أهمها أقلام كتّاب الوحي، الذين كانوا يكتبون الوحي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتابة سليمان إلى ملكة سبأ. وقال الشنقيطي: وقوله تعالى: (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) شامل لهذا كله، إذا كان هذا كله شأن القلم وعظم أمره، وعظيم المنّة به على الأمة، بلى وعلى الخليقة كلها. الأمر بكتابة العلم وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة العلم، صح ذلك من حديث أنس بن مالك، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن العباس: ( قيّدوا العلم بالكتاب)(1) وعن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كل شيء ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضى! فأمسكت عن الكتاب وذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ بإصبعه إلى فيه، وقال: (اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلا حَقٌّ). | |
|